فصل: قال ابن زنجلة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في ذكر قراءات السورة كاملة:

.قال ابن جني:

سورة المزمل:
بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيمِ
قرأ عكرمة: {الْمُزّمِّل1}، و{الْمُدّثِّر2}، خفيفة الزاي، والدال، مشددة الميم، والثاء.
قال أبو الفتح: هذا على حذف المفعول، يريد: يأيها المزمل نفسه، والمدثر نفسه؛ فحذفه فيهما جميعا. وحذف المفعول كثير، وفصيح، وعذب. ولا يركبه إلا من قوى طبعه، وعذب وضعه. قال الله سبحانه: {وأُوتِيتْ مِنْ كُلِّ شيْءٍ}، أي: أوتيت من كل شيء شيئا. وأنشدنا أبو علي للحطيئة:
منعمة تصون إليك منها ** كصونك من رداء شرعبي

أي: تصون حديثها وتخزنه، كقول الشنفرى:
كأن لها في الأرض نسيا تقصه ** على أمها وإن تخاطبك تبلت

ومن ذالك قراءة أبي السمال: {قُمِ اللّيْل}.
وروح- عن أبي اليقظان- قال: سمعت أعرابيا من بلعنبر يقرأ كذلك.
قال أبو الفتح: علة جواز ذلك أن الغرض في هذه الحركة إنما التبلغ به هربا من اجتماع الساكنين، فبأي الحركات حركت أحدهما فقد وقع الغرض، ولعمري إن الكسر أكثر، فأما ألا يجوز غيره فلا. حكى قطرب عنهم: {قُمِ اللّيْل}، و{قُلِ الْحق} وبع الثوب فمن كسره فعلى أصل الباب، ومن ضم، أو كسر أيضا أتبع، ومن فتح فجنوحا إلى خفة الفتح.
ومن ذلك حدثنا عباس الدوري عن أبي يحيى الحماني عن الأعمش عن أنس أنه قرأ: {وأقْومُ قِيلا}، و{وأصْوبُ}. فقيل له: يا أبا حمزة، إنما هي: {وأقْومُ قِيلا}، فقال أنس: إن أقوم أصوب وأهيأ واحد.
قال أبو الفتح: هذا يؤنس بأن القوم كانوا يعتبرون المعاني، ويخلدون إليها، فإذا حصلوها وحصنوها سامحوا أنفسهم في العبارات عنها.
ومن ذلك ما رؤينا عن أبي زيد أن أبا سرار الغنوي كان يقرأ: {فحاسُوا خِلال الدِّيارِ}، والحاء غير معجمة. فقيل له: إنما هو {جاسوا}، فقال: حاسوا، وجاسوا واحد.
ومن ذلك حكاية ذي الرمة في قوله:
وظاهر لها من يابس الشخت

فقيل له: أنشدتنا بائس السخت فقال: بائس، ويابس واحد.
وأخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن عن أبي العباس أحمد بن يحيى قال: قال بعض أصحاب ابن الأعرابي له في قوة الشاعر:
وموضع زبن لا أريد مبيته كأني ** به من شدة الروع آنس

أنشدتناه وموضع ضيق، فقال له أبن الأعرابي: سبحان الله! تصحبنا منذ كذا وكذا سنة ولا تدري أن (زبن) و(ضيق) واحد؟. اهـ.

.قال الدمياطي:

سورة المزمل صلى الله عليه وسلم:
مكية.
قيل إلا آيتين {واصبر على ما يقولون} وتاليتها وقيل إلا {إن ربك..} إلى آخرها. وآيها ثماني عشرة مدني أخير وتسع بصري وحمصي وعشرون في الباقي.
خلافها أربع:
{المزمل} كوفي ودمشقي ومدني أول.
{جحيما} غير حمصي.
{إليكم رسولا} مكي ونافع.
{شيبا} غير مدني أخير.
مشبه الفاصلة:
{قرضا حسنا}.
القراءات:
قرأ {أو انقص} [الآية 3] بكسر الواو عاصم وحمزة وصلا ونقل ابن كثير القرآن وأبدل همز ناشئة ياء مفتوحة الأصبهاني وأبو جعفر.
واختلف في {أشد وطأ} [الآية 33] فأبو عمرو وابن عامر بكسر الواو وفتح الطاء وألف ممدودة بعدها همزة بوزن قتال مصدر واطأ لمواطئة القلب اللسان فيهما أو موافقته لما يراد من الإخلاص والخضوع ولذا فضلت صلاة الليل على صلاة النهار وافقهم اليزيدي والحسن وابن محيصن بخلفه والثاني له كذلك مع فتح الواو والباقون بفتح الواو وسكون الطاء بلا مد مصدر وطئ أي أشد ثبات قدم وأبعد من الزلل أو أثقل من صلاة النهار أو أشد نشاطا للمصلي أو أشد قياما أو أثبت قياما وقراءة أو أثبت للعمل وأدوم لمن أراد الاستكثار من العبادة ويوقف عليه لحمزة وهشام بخلفه بالنقل فقط.
واختلف في باء {رب المشرق} [الآية 9] فابن عامر وأبو بكر وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف بخفضها صفة لربك أو بدل أو بيان وافقهم الأعمش وابن محيصن والباقون بالرفع على الابتداء والخبر الجملة من قوله: {لا إله إلا هو} أو خبر مضمر أي هو رب.
وأمال {فعصى} حمزة والكسائي وخلف وقلله الأزرق بخلفه.
وقرأ {من ثلثي الليل} [الآية 20] بسكون اللام هشام وضمها الباقون كما في البقرة وخرج ثلث المفرد المتفق على ضم لامه.
واختلف في {ونصفه وثلثه} [الآية 20] فابن كثير وعاصم وحمزة والكسائي وخلف بنصب الفاء والثاء وضم الهائين عطفا على أدنى المنصوب ظرفا بـ: {تقوم} وافقهم ابن محيصن والأعمش والباقون بخفض الفاء والثاء وكسر الهائين عطفا على {ثلثي الليل} المجرور بـ: {من} وخرج بـ: {نصفه} الملاصق لـ: {ثلثه} {نصفه} أول السورة المتفق على فتحه. اهـ.

.قال عبد الفتاح القاضي:

سورة المزمل صلى الله عليه وسلم:
{أو انقص} كسر الواو وصلا حمزة وعاصم وضمها غيرهما.
{منه} {عليه} {القرآن}. {فاتخذه}. {فأخذناه}. {منفطر}. {تذكرة}. جلي كله.
{ناشئة} أبدل أبو جعفر همزه ياء خالصة مطلقا، وكذلك حمزة عند الوقف.
{وطأ} قرأ البصري والشامي بكسر الواو وفتح الطاء وألف بعدها، والباقون بفتح الواو وإسكان الطاء، ويقف عليه حمزة بالنقل فقط.
{رب المشرق} خفض الباء الشامي وشعبة ويعقوب والأخوان وخلف ورفعها غيرهم.
{سبيلا} آخر الربع.
الممال:
{تعالى}، و{الهدى} و{ارتضى} و{أحصى} {فعصى} بالإمالة للأصحاب والتقليل لورش بخلف عنه.
{فزادوهم} لحمزة وابن ذكوان بخلف عنه.
{شاء} لابن ذكوان وخلف وحمزة.
{النهار} بالإمالة للبصري والدوري والتقليل لورش.
المدغم الكبير:
{ما اتخذ صاحبه}. {ذلك كنا}. {طرائق قددا}. {نعجزه هربا}. {ذكر ربه} {يجعل له}.
ولا إدغام في {عليك قولا} لسكون ما قبل الكاف.
{ثلثي الليل} قرأ هشام بسكون اللام وغيره بضمها.
{ونصفه وثلثه} قرأ المدنيان والبصريان والشامي بخفض الفاء في {ونصفه}، والثاء الثانية في {وثلثه}، ويلزم منه كسر الهاء فيهما، والباقون بنصب الفاء والثاء، ويلزمه ضم الهاء فيهما.
{يقدر} {تحصوه}. {فاقرءوا}. {القرآن}. {منه}. {الصلاة}. {من خير}. {تجدوه}. {خيرا}. {واستغفروا}. ذكر مرات.
ويلاحظ أن لحمزة في الوقف على {فاقرءوا} التسهيل والحذف. اهـ.

.فصل في حجة القراءات في السورة الكريمة:

.قال ابن خالويه:

ومن سُورة المزمل صلى الله عليه وسلم:
قوله تعالى: {هي أشد وطأ} يقرأ بكسر الواو وفتح الطاء والمد وبفتح الواو وإسكان الطاء والقصر فالحجة لمن مد أنه جعله مصدر واطأ يواطئ مواطأة وطاء ومعناه يواطئ السمع القلب لأن صلاة الليل أثقل من صلاة النهار لما يغشي الإنسان من النعاس ومعناه أشد مكابدة ومنه قوله عليه السلام «اللهم أشدد وطأتك على مضر»
قوله تعالى: {رب المشرق} يقرأ بالرفع والخفض وقد ذكر في الدخان قوله تعالى: {ونصفه وثلثه} يقرآن بالنصب والخفض فالحجة لمن نصب أنه أبدله من قوله: {تقوم أدنى} أو أضمر له فعلا مثله والحجة لمن خفض أنه رده على قوله: {من ثلثي الليل}. اهـ.

.قال ابن زنجلة:

73- سورة المزمل:
{إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا}
قرأ أبو عمرو وابن عامر {وطاء} بكسر الواو ممدودة الألف وهو مصدر فاعلت مفاعلة وفعالا تقول واطأت فلانا على كذا مواطأة ووطاء أراد والله أعلم أن القراءة في الليل يواطئ فيها قلب المصلي لسانه وسمعه على التفهم والأداء والاستماع أكثر مما يتوطأ عليه بالنهار لأن الليل تنقطع فيه الأشغال وتهدأ فيه الأصوات والحركات. عن ابن عباس وطاء قال يواطئ السمع القلب.
وعن يونس {أشد وطاء} قال ملاءمة وموافقة ومن ذلك ليواطئوا أي ليوافقوا وقرأ الباقون {أشد وطئا} بفتح الواو أي أثقل على المصلي من ساعات النهار وهو من قولهم اشتدت على القوم وطأة سلطانهم أي ثقل عليهم ما يلزمهم ويأخذه منهم وفي الحديث «اللهم اشدد وطأتك على مضر» قال الزجاج ويجوز أن يكون {أشد وطأ} اغلظ وأشد على الإنسان من القيام بالنهار لأن الليل جعل للنوم والسكون وقيل {أشد وطأ} أي أبلغ في الثواب لأن كل مجتهد فثوابه على قدر اجتهاده قال آخرون منهم الفراء هي أشد وطئا أي هي أثبت قياما قال قتادة {أشد وطا} أي اثبت في الخير وأثبت للقلب والحفظ.
{رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا}.
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وحفص {رب المشرق} بالرفع وقرأ الباقون بالخفض، والرفع يحتمل أمرين أحدهما أن يكون كما قال قبلها {واذكر اسم ربك} قطعه من الأول فقال: {رب المشرق} فيكون على هذا خبر ابتداء محذوف والوجه الآخر أن يرفعه بالابتداء وخبره الجملة التي هي {لا إله إلا هو} ومن خفض فإنه عطفه على قوله قبله {واذكر اسم ربك} فجعل ما بعده معطوفا عليه إذ كان في سياقه {إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه 20}
قرأ نافع وابن عامر وأبو عمرو {ونصفه وثلثه} بالكسر حملوه على الجار أي تقوم أدنى من نصفه ومن ثلثه والمعنى في ذلك يكون على تأويل إن ربك يعلم أنك تقوم أحيانا أدنى من ثلثي الليل وأحيانا أدنى من نصفه وأحيانا أدنى من ثلثه غير عارف بالمقدار في ذلك التحديد بدلالة قوله بعدها {علم أن لن تحصوه} وقوله: {والله يقدر الليل والنهار} فكأنه قال أنا أعلم من مقادير قيامك بالليل ما لا تعلمه من تحديد الساعات من آخر الليل قال أبو عبيد الاختيار الخفض في {نصفه وثلثه} لأن الله تعالى قال: {علم أن لن تحصوه} فكيف يقدرون على أن يعرفوا نصفه وثلثه.
وقرأ الباقون بالنصب بوقوع الفعل أي يقوم نصفه وثلثه وحجتهم في ذلك أن النصب أصح في النظر قال الله لنبيه صلى الله عليه {قم الليل إلا قليلا} أي صل الليل إلا شيئا يسيرا منه تنام فيه وهو الثلث والثلث يسير عند الثلثين ثم قال: {نصفه أو انقص منه قليلا} أي من الثلث قليلا أي نصفه أو أنقص من النصف قليلا إلى الثلث أو زد على النصف إلى الثلثين فإذا قرأت بالخفض كان معناه أنهم قد كانوا يقومون أقل من الثلث وفي هذا مخالفة لما أمروا به لأن الله تعالى قال: {الليل إلا قليلا نصفه أو أنقص منه قليلا} إلى الثلث أو زد على الثلث ولم يأمرهم بأن ينقصوا من الثلث شيئا وأما قوله: {علم أن لن تحصوه} أي لن تطيقوه كما قال صلى الله عليه «استقيموا ولن تحصوا أي ولن تتطيقوا» والله أعلم. اهـ.